لم تهدأ حملات التشهير والاتهامات بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي حتى بعد وصول الرئيس جو بايدن الى البيت الأبيض في كانون الثاني عام 2021. فالرئيس السابق دونالد ترامب "المغبون بنظره"، لم يترك مناسبة إلا وتناول فيها سوء إدارة الأول للبلاد، واصفاً إياه بـ"بايدن النعسان" Sleepy Joe، وواصفاً نائبته بـ"هاريس الضحوك" Laughing Harris. واشتعلتْ منصّات التواصل الاجتماعي في السنتين الماضيتين بفيديوهات تعرض عدم تركيز بايدن في مجالسه السياسية، موضحة للرأي العام الأميركي ان رئيسهم الحالي يعاني من مرض ألزهايمر، الأمر الذي أعطى جرعة أمل كبيرة لترامب بأن طريق البيت الأبيض سالكة مع نهاية هذا العام.
ومع بروز استطلاعات الرأي الأميركية من مختلف الولايات المتحدة، بدا واضحاً تراجع شعبية الرئيس الحالي وتفوّق المرشّح ترامب في عدد أصوات الناخبين الشباب حتى في الوسط الديمقراطي.
الديمقراطي في حيرة من أمره. هل يُسمّي بايدن لسباق 2024، وخاصة بعد خسارته للكثير من مؤيديه من طبقات المجتمع الأميركي، بعد انحيازه الواضح الى اسرائيل في حرب غزّة. فالعرب، وعددهم 2.2 مليون نسمة، في مقدمة الرافضين للتجديد لبايدن، يليهم عدد كبير من ذوي البشرة السمراء، من اصول إفريقية، الذين يرفضون مَن دعم قتلَ الأطفال في غزّة بإعطائه الضوء الأخضر والمال لإسرائيل في حربها اليوم... ناهيكم عن شريحة كبيرة من حزبه الديمقراطي الذي وجد فيه ورقة خاسرة للحزب في السباق الرئاسي المقبل.
وتدور اليوم آلة الدستور الأميركي في محاكم الولايات الأميركية، منها للنظر في استبعاد ترامب من الانتخابات الرئاسية، وأخرى لتنحية بايدن من منصبه بسبب عدم أهليّته للقيادة، على أن تتسلّم نائبته "كامالا هاريس" كُرسي البيت الأبيض الى حين انتخاب رئيس جديد للبلاد.
وفي حين ان الرئيس ترامب يتصدر بقوة أرقام استطلاعات الرأي، يعمل الحزب الديمقراطي على إيجاد شخصية تبدو له "حصاناً رابحاً" في سباق 2024، شخصية تمتلك شعبية كبيرة عند الجمهور الأميركي. يتحدّث الحزب اليوم عن زوجة الرئيس الأميركي الأسبق "ميشيل أوباما" بأنها الخيار الأفضل، كونها تمتلك شعبية كبيرة في الحزب الديمقراطي، لكن هذا لا يعني ان شعبيتها هي مفتاح باب البيت الأبيض، وخاصّةً أنها من المتطرّفين في الحزب، الأمر الذي يُفقدها الكثير من الأصوات لدى الفئات المعتدلة والخارجة عن الإطار الحزبي، عدا عن أنّ الحملات الرئاسية تتطلب دعماً مالياً كبيراً، وأكثر ما يقوم به المرشّحون هو جمع التبرعات من رجال الأعمال الأميركيين.
حرب ضروس، من نوع آخر، تدور اليوم في الولايات المتحدة، بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي: الاوّل يطلق نيرانه على بايدن بسبب عدم أهليّته للقيادة، والثاني ينبش دفاتر الماضي في حياة ترامب، بعضها لا يستحق المحاكمة والبعض الآخر يتناول موضوع الضرائب التي هي في صلب قوانين الولايات المتحدة؛ حرب تستهدف المرشحَين المتقدِّمين في حزبَيهما بشكل خاص. وتقول الاستطلاعات إن ميشيل اوباما تأخرت كثيراً في بروزها كمرشّحة قادرة على سحق شعبية ترامب. وتبدو نائبة الرئيس بايدن كامالا هاريس هي الأقرب الى السباق في الحزب الديمقراطي، بحسب الأعراف والقوانين الانتخابية في أميركا.
مع بداية هذا العام، سقطت معظم الأسماء المرشحة للانتخابات الأميركية، وبقي الرئيس ترامب متصدراً أرقام استطلاعات الرأي، وسيبقى اسمه شاغلاً قاعات المحاكم في الولايات المتحدة، حتى تشرين الثاني المقبل، لربما يجد منافسوه سبيلاً لقطع الطريق أمامه في رحلته الى البيت الأبيض.
سلاح المحاكم الذي يستخدمه الديمقراطيون ضد منافسهم الشرس ترامب، سوف يُواجَه قريباً بسلاح جديد النوعية من جهة الجمهوريين. تقول مصادر أميركية لـ"النشرة" إنّ الحرب القادمة ضد الديمقراطي المتمركز في ولاية نيويورك سوف تأتي من جهة ولاية تكساس الجمهوريّة، التي أعلنت عن طفح الكيل في سَوْقِ زعيمهم ترامب الى مقصلة العدالة في قضايا لا ترتقي الى رتبة "جنحة" بحسب تعبيرهم. وأكدت المصادر "التكساسيّة" ان سلاح حزبهم الجديد بدأ بتمرّد حاكم الولاية على الإدارة الأميركية، الذي تحدّى إدارة بايدن والمحكمة العليا الأميركية، وأمرَ بتركيب المزيد من الأسلاك الشائكة لردع الهجرة المتدفقة من الجانب المكسيكي رغم معارضة الرئيس الأميركي بايدن.
وما ينتظره الديمقراطيون اليوم، خاصة في نيويورك، هو حربٌ بسلاح الغذاء، إذ صرّحت مصادر أميركية عبر "النشرة" عن استعداد مئات الشاحنات التي تنتمي الى عشرات شركات الشحن في الولايات المتحدة، وهي بأغلبيتها تنتمي الى الحزب الجمهوري، للتوقف عن العمل وعدم إيصال المواد الغذائية من خضار وفاكهة الى نيويورك، وهذا في ظل إغلاق الحدود مع المكسيك، التي بدورها تؤمن الفاكهة للولاية المذكورة (الديمقراطية)؛ الأمر الذي يجعلها تحت مقصلة الجوع وغلاء المواد الغذائية، وينبئ بموجة غلاء فاحشة للخضار والفواكه.
سلاح المحاكم يواجَه بسلاح الغذاء. هكذا قال الجمهوريون للديمقراطيين. وما يُتوقَّع لنيويورك، بحسب المصدر، أيام من الفوضى والنزول الى الشوارع، لأن التنافس على البيت الأبيض يصيب غداً لقمة الناس المدنيين الذين عاشوا مع أجدادهم حياة رفاهية وبحبوحة، ولم يروا "القلّة" والأزمة الاقتصادية إلا في العهد الرئاسي الأخير، عهد زعيمهم بايدن.
الأمم المتحدة-نيويورك